قصة النبي هود عليه السلام وقوم عاد .. إرم التي لم يخلق مثلها في البلاد



قصة النبي هود عليه السلام وقوم عاد .. 
قصه نبي الله هود عليه السلام مع قوم عاد
إرم ذات العماد




 النبي هود عليه السلام من الأنبياء الي نزلوا في قوم جبار مشهورين بالجبروت.. 
 

صفات قوم عاد 


قوم "عاد" دول كانوا ضخـام البنية، ومن نسل شخص إسمه عاد بن عـوص من نسل إرم بن سام بن نوح وعاد ده هو  مؤسس الدولة، والي بعد مات حكم أولاده الاتنين شديد وشداد والي ظلمـوا في البلاد بشدة وكونوا نظام طبقي مُحكـم.. 

لكن بعد فترة مات شديد وانفـرد شداد بالحـُكم ولكنه كان على موعد مع ما لا يُمكن توقعـه مُطلقـًا.. 

وخليـني أفنِّد لك المُجتمع نفسه بتاع قوم عاد كده واحدة واحدة.. 

 
أول حاجة المكان.. 

منطقـة كلها جبال وكهوف، وكُثبان رملية ورمال مرتفعـة كده عشان كده سُميت بالاسم ده.. 

الاحقاف


 أصلاً يعني منطقة رملية مُرتفـعة..

المُهم بقى في منطقة الأحقاف دي بقى في مدينة إسمها "إرم" متسميّـة كده على إسم أول شخص راح عاش هناك وهو إرم من نسل سام بن نوح عليه السلام.. 
اين تقع مدينه إرم مدينه قوم عاد
مش معروف موقعها فين بالظبط دلوقتي، في أقاويل وهي الأشهر إن المكان ده منطقة الربع الخالي بشبه الجزيرة العربية لانتشار الأحقاف هناك وأيضـًا كانت مُنتشرة ذات الأحقـاف بمصر والمنطقة القريبة من سلطنـة عمان أو حتى اليمن والأردن وغير معروف لحد النهاردة..

خليني أفهمك برضه إزايّ عاد بن عوص أسس دولته هناك في المنطقة دي وليه سمّوا المكان على إسم جدهم الأكبر "إرم" .. 


المجتمعات في الوقت ده كانت قبلية بما يعني إن عاد المؤسس للدولة ده ورث عن جده إرم المكان فبدأ يسن قوانين على أحفاد إرم كلهم ويحكمهم ويكوّن جيش وهكذا.. 


عاد ده كان ضخم البُنية، طول بعرض بارتفاع، وكده كمان كان أهلـه ونسله كله، قوم ضخم جدًا ملوش مثيل، لكنهم مش ديناصورات يعني، ولا كل الكلام الي البعض بيجتهد فيه ويقول إن رأسهم كانت قد رأس ١٠٠ شخص مننا ولا الكلام ده.. 

مفيش الكلام ده، أحجامهم كانت ضخمة بس مش بالصورة الكارتونية الي بيتم الترويج لها مش في Attack On Titans احنا هنا.. 

المُهم.. 

بقـوا يدخلوا حروب وينتصروا فيها ومنها يأخـذوا أسرى، والأسرى دول بعد كده تراهم يعملون بالسُخرة في البـناء وغيره من الأعمال..

شوية إجراءات إصلاحية قام بيها شديد وشداد عشان يوفروا لأهلهم العيش الكريم زيّ بناء البيوت والقصور والنحت في قلب الكهوف وتكوين جيش قوي..

ومع الوقت اشتد قوام المجتمع ولكن زاد طُغيانه..

بس في مشكله صغيرة.. 

زيّ ضرب الطبول وقت الحروب، أو الهدوء الذي يسبق العاصفة.. 

قوم عاد دول مكنش عندهم مشكلة داخليـه في الظلم بس لكنهم استهلكوا كمان الشعوب المُجاورة وتعدوا عليهم وذاع صيتهم في شبـه الجزيره العربيه..

لدرجة إن بعد مدة الأنبياء الي كانوا بيتم بعثهم بعد كده يحذر قومه من عذاب قوم عاد ذات نفسه، يعني مش بس سابوا أثر في نفوس الناس في وقتها ولكن سابوا أثر تاريخي لا ينجلي أبدًا .. 

نرجع تاني للمجتمع في عاد.. 

شداد هو الي انفرد بالسُلطة بعد موت أخيـه، وزوّد في الظلم والطُغيان، وكان بيتبع ملة آباؤه في عبادة الأصنام، فانشأ ثلاث مزارات لثلاث أصنام يتم فيها تقديم القرابين.. 

الأصنام دي أو الآلهة دي كان اسمها "صـداء" و "صمود" و "الـهـباء" ..


والحياة كانت مُستمرة على وضعها، كل يوم يصحى أهل عاد يلاقوا في عملية بناء هنا أو نحت هناك أو حتى حفر هنا أو هناك، يا إما حرب وغـزوة هتتم على قرية قريبة لاستهلاك خيراتها.. 

كمان امتاز قوم عاد بإمتلاكهـم نظامُ واسع مِن القنوات والسدود القديمة التي استُـعِمَلتّْ في الرَيّ وبحسب التقديرات البحثية كانت تلك القنوات والسدود قادرة تمامًا على توفير المياه لأكثر من مائتي ألف شخص، فَـكانت زراعتهم أيـضًا كما مِعـمارهم مُتطـورة للغايـة..

نَحـن هُنا قدام قوم مُتطور في البناء والزراعـة.. 


مش بس كده.. 
ماذا يقول عمر عبد الكافي في قوم عاد 
يقول عُمر عبد الكافي في تفسيره لقصة قوم "عـاد" عن لسان أستاذه.."بأن عاد بنوا مصانعًا تُصنِع دواءً يطيل العُمر فيجعلهم لا يشيخون و لا يفنون"

 فقال الله تعالى عنهم "وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ" صدق الله العظيم.. 

بمعنى.. 

إن قوم عاد كانوا قادرين على إيجـاد مَـصل يعمل على الخلود أو ممكن يكونوا كانوا بيبنوا مباني ذات هدف أو اعتقاد إنها تُسـاعد على الخـلود.. 

المُهم.. 

وصف حضاره مدينه إرم


إن مدينة "إرم" والي هي تَـطَورت بشدة على أيادي الناس دي، كانت زيّ الجنان وسط باقي البُلدان والمدن من حولهم. 

حتى، وصف"الله" عز و جل حضارتهم بأنها "لم يُخلَق مثلِهَا في البلاد"..

أضف إلى ذلك أن جيوشهم كاسحة مانعة، لكن هذا الحال لم يستمر طويلاً .. 

لحد ما كان اليوم ده..
من النبي الذي بعث في قوم عاد 
واحد من الناس دي كان اسمه هود ..

من اي نسل ينحدر سيدنا هود 



مين بقى "هود" ..؟ 


هود كان شخص صالح يمتد نسبه من نسل سام بن سيدنا نوح عليه السلام من نسل إدريس بن شيث بن آدم.. 

من أبناء إرم واتربى وسط أهل عاد وعاش حياته كاملـةً وسطهم وكان مشهور بالصلاح والتقوى وإنه شخص أمين وبعيد تمامًا عن كل وسائل اللهو والسفه.. 

 حتى بدأ يتفوه بكلامُ ظـنـهُ قوم عاد إنـه قد أتى بكلامً غريبًا ولم يكن عقلهم أو الوعي الجمعي بمُجتمع عاد مُستوعبـًا لأفكاره التي تـُنادي بحتمية وجود خالق مُطلق واحد لا نهائي بيده كافة مقادير الكون ومـوازينه..

خالق واحد مـُطلق لا نهائي.. 

بينما كان سـَائدًا وسطهم ليس فقط عبادة الأصنام وإنما تَـعدُد الآلهة وكـوّن كل مُهمة خـلـقية لأي صنـفٍ خـلقي مَخلوُق له خـالق مُتخصـص بـه.. 

أفكار هود عليه السلام كانت صادمة وكلامـه كان مُدهش ما جعل عدد قليل جدًا من القوم هم من يتبعونه ولما زاد بطش القوم بهم، تبعوا النبي إلى كهفُ بعيد في أطراف المدينة.. 

وتَـمّسك باقي القوم وهُم الغالبية المُطلقـة بعبادة الأصنام وتَتبعوا ما ورثوه عن آباءهم في ذلك.. 

في ذلك التوقيت.. 

عـُمال البناء الذين استخدمهم ملك قوم "عـاد" آنذاك في عمليات البناء الشاقة من بناء للقصور والجسور والحصون وبشكل عبثي بلا فائدة كان قد طـفح بهم الكـيـل.. 

فكان الجنود يَقتـادوهم لمواقع البناء بالعنف مُـستخدمين في ذلك السَوط والعصا فَـطالهم التنكيل والتعذيب وأحيانـًا كانت تصل بهم الأمور إلى القتل حال أي تقصير أو تكاسـُل.. 

ده إضطرهم أنهم يعملوا حاجة وانهم يتصرفـوا.. 

ذهبوا إلى ذلك الكهف في أطراف المدينـة.. 

استنجدوا بالنبي هـُود وطلبوا منه مساعدتهم فيما يتعلق بالتنكـيل والتعذيب الـواقع عليهـم.. 

فكان ذلك اليوم.. 

بالقصر المَـلكي المَهيِب الواقع في مُنتَصف المدينة الرهيبة "إرم" تراص جنود الملك حول القصر في مَهابة بينما يتقدم النبـي مُـختَـرِقًـا صفوف الجنود.. 

وبالقاعة الكُبرى يجلس فوق عرشه الذهبي الفخم ملك "إرم" مـُرتَدِيـًا حِـلَتـه الذهبية المـُرصعـة وسط وزراءه وأصحـابه من ذوي النفوذ والمال يتسامر معهم في أمور البلاد وخـاصةً في أمر رئيس البُـناة الذي لاقى ثورة من العبيد وفقد السَيطرة عليهم فيتشاورون في أمر من يَخلفـُه فَيُعيد السَيطرة عليهـم مَرةً أخرى ما يضمن استمرار عمليات البناء.. 

فَدخل أحد الحـُراس يـستأذن من الملك في طلب الرجل الصالح "هود" وطلبه للقائه وإنـه يحمل بين يديه هديةُ ما.. 

فَدخل هود من باب الباحـة الكُبرى، وكان يحمل بين يديه ما تبين أنهُ مُجرد صخرة صماء فقط لا غير.. 

ودون أن ينبث بـشفا حرف قال.. إن قوم عاد يملكون قـلوبـًا كهذا الحَجـر .. 

لحظات من الصـمت..

هدوء .. 

تـرقُب ولا صوت.. 

حتى.. 

انفجر الملك فيمن حوله قائلاً .. ، أن هذا الحجر "كريمًا"  كأنما يصفني وإني بمثل كرامة هذا الحجر من شدة وبأس وزَّهـو .. 

وبِـفخرُ رفعـهُ أمام حاشيته مُتباهيـًا مُـتَفَحِصًـا إياه ونظر إلى هود وقال.. 

أنتَ فعلاً كما يـُشَاع عنكَ يا هود، فأنت ذو نظرة ثاقبة وعقلُ استثنائي!. 

ماذا كان يعمل سيدنا هود 


وقرر أن يُعين "هود" رئيسًا للعبيد البُناة!. 

فهلل العبيد وكذلك الملك فـرَّحًا بتعيين هود رئيسًا للبناة!. 

بدأ النبي "هود" عليه السلام في دعوة عـمال البناء المُعذبين وبدأوا يِستَجيـبوا بسرعة لكلام النبي هوُد علـى عـَكس العامـة فزاد مُتَبعيه بأسـرع من المُـعتاد.. 

ودومًا ده بيطرح علينا تَساؤُل منطقي.. 

لمَ يَتَبِع الأنبياء هؤلاء "المُعذبين" بشكل أسهل وأسرع عن غيرهم..؟ 

هُم يتخلون أيضـًا عن دين آباءهم ومُعتقدات أجدادهم وما توراثوه عبر الزمن، ولكن أسرع عن غيرهم، وهُم أيضـًا يُـرجحون المنطق والـعقل في الإيمان المُطلق أسرع من غيرهم..؟ 

تكرر الأمر عبر التاريخ وفي الغالب يتتبع المُستضعفون الحق أسرع عن غيرهم وذلك كونهم لا يملكون شيئًا سوى المنطق والـعقل وليس هُـنالك ما يخشون عليه من الزَوال إذا ما أتبعوا الـحق ورفضوا المُتوارث والطبيعي والمُعتاد.. 

الدنيا لهم تُساوي صفرًا .. 

ولذا يكونون أمام العقل والفكر الحـر، أحـرارًا فعليـاً .. 

فَـعن رجال السياسة والمال في الشعوب القديمة، ففي الغالب هم قد ورثوا المال والسلطة عن الأجداد وكذلك ورثوا متاعها ومُشتملاتها مِـنَ المُعتقدات والعبادات.. 

فَالتخلي عن كل ذلك في مُقابل الحق وخاصةً إن ما كان الحق المنطقي يُعارض الوعي الجمعي المُنتشر هو أمر تُغالبه النفس ولا تقوى عليه إلا النفوس القوية الزاهدة في الدنيا باحثةً عن المعنى والتحقيق في هذا العالم .. 

وهذا فصلُ ما بين البشر في مقادير العقول والشهوات.. 

تزايد عدد أتباع النبي هود الذين آمنوا بـوحدانية الخالق، ولا نهائيـتهُ المُطلقـة ..

حتى وصل ذلك لمسامع ملك "عـاد" الذي استشاط غضبـًا فقرر مُواجهة هود عليه السلام بنفسه وَجهًا لوجه.. 

في ذات القصر الملكي المهيب وبذات الحانة الكُبرى وعلى نفس العرش الذهبي الفخم جلس وأمامه هود عليه السلام وجرى بينهما الحديث.. 

فدعا هود الملك لعبادة الخالق الواحد سبحانه وتعالى.. 

استهزأ الملك وقال إن هذا الحديث لا ينطلي إلا على المستضعفين وبدأ يتباهى بما يَملُك من نعم.. 

فرد هود.. إن تلك النعم ما هي إلا من عند الله، خالق كل النعم.. 

فقال الملك.. أرأيت هذه الالهة التي سببتها وتكلمت عليها وسبتها يا هود، فَربما قد أصابتك بالجنون!. 

فقال هود.. أنا برئ مِنكـُم ومِن دينكم ومِن معبوداتكم وأصنامكم، أنا برئ من هذا كله، إجمعوا أسلحتكم وجيوشكم وقواتكم، إجمعوا كل ما تملكون ثم كيدوني جميعـًا ولا تنتظروني!. 

وأتبع النبي.. أن ما من دابة على الأرض إلا وناصيتها بأمر الله.. 

استهزأ الملك وإستدعى العبيد وأمر بدق عنوقهم أمام نبي الله.. 

فجمع الحراس العبيد في صفُ وقاموا بقطع رؤوسهم بينما يتضاحك الملك ساخـرًا من النبي.. 

الدماء تتناثر على الأرض برويـّة وتسري فوقها ببطء حثيثًا حتى امتدت وسالت فوصلت إلى أقدام النبي لامستها.. 

فقال شداد.. أنا الٱن أقبض نواصي هؤلاء العبيد أرني ما قد يفعل إلهك.. 

تبجح الملك وقـال.. فآتني بعذاب ربك يا هود وأنا وجـنودي مُلاقينه.. 

انتهى اللقاء وقد تبادر الحُزن لقلب النبي.. 

وخرج فرآى الشوارع والطُرقات وقد امتلأت بالأصنام.. 

الأصنام في كل مكان، وحولها يَتقرَّب الرُهبان، يُصدق العامة ويتقربون طالبين من أحجارُ صَـمّاء الصَفح والغفران.. 

حذرهم هود من عذاب وشيك إن لم يرجعوا وتراجعوا عـمّا يفعلون.. 


تـجاهلوا هُـودًا .. 

قالوا .. ﴿إِئْتِنَا بِعَذابِ الله﴾.. 

وقالوا.. ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ 

ن كنت صادقًا نريد أن نرى عذاب ربك الذي تَـعِدُنا بـهِ.. 

لمْ يـَدري ماذا يـفعل..؟ 

فَعاد لكَهفـه فدعا على قومه بأن يسومهم الله سوء العذاب.. 

 فَـرفع هود عليه السلام يديه إلى السماء.. ﴿قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾.. 

الــعــذاب.. 

بسم الله الرحمن الرحيم.. ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ. وَتِلْكَ عَادٌ ﴾.. 

عذاب قوم عاد وصفه الله تعالى بأنه غليظ .. 


ولكن يعني ايه غليظ..؟ 

المُعجم بيقولنا ان معناه.. ثَقيلُ الظِّلّ وصَعْبُ الطَّبْع يعني ثقيل سميك، من الغلظة لا أمل فيه.. 

ولكن كيف يكون العذاب الغليظ..؟ 

أول شيء.. مُنِّعَ المطر لثلاث سنوات. 

وبسبب ده.. 

إرم المُتطورة زراعيـًا تدهورت الزراعة فيها بشكل كبير وأصبحت مـُزرية، فماتت النباتات والزرع.. 

وانتشر الكـساد والجوع والقمامة بالطرقات، وهجمّت الحشرات واستحالت إرم التي لم يُخلق مثلها في البلاد مرتاعـًا فاسدًا.. 

هَّجرت الحيوانات والبغال الأراضي وانتشر القحط.. 

يقول لهم هود عليه السلام أن هذا بسبب عذاب رب العالمين فيستهزأون وما يزدادون إلا عنـدًا وكُفرًا .. 

حـَثيثًا طَفقت "إرم" تُسرع نحو حافة الانهيار سريعـًا وحتى الهاوية صارت مُستوية لها، فَالإنزلاق للاشيء كان سَريعـًا فظيعًـا.. 

القوم مُعذبون والوضع مُظلم ولا سبيل لإنارته سوى الهلاك.. 

ظلامُ مُقبِّع. 

حـتى كان ذلك اليوم.. 

السماء تُشرق على البادية، خرجت امرأة إسمها "مَهد" من دارها تَستَسقي وتنظر لصنمها تتقرب إليه فرفعت رأسها للسماء فإذا بشيء غير معقول يلوح في الأفق.. 

سحابةُ سوداء قاتمة اللون غليظة لا يتخللها ضوء.. 

فصاحت تصرُخ من الرُعب ثم صُعقت فأغشي عليها وقد تلملم حولها مجموعة من البشر والجميع يُحدِّق في تلك الغمامة المُخيفة القابضة للقلوب.. 

تلك السحابة كانت تقترب ببطء فوق الرؤوس حتى وصلت عند "إرم" وتوقفت.. 

كما لو إنها أحد تلك الأطباق الطائرة "UFO" التي تظهر بالأفلام الأمريكية ولكن ذلك لم يكُن خيال علمي.. 

العجيب أن.. 

أول ما رآها القوم صاحوا فرحًا وقالوا إن هذا عارض مَطرًا وأن أخيرًا قد استجابت آلهتهم لهم..

بسم الله الرحمن الرحيم.. 

﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ﴾

ظَلت الغيمة المُظلمة فَـوق رؤوسهم دون مطر ولـِوهلة .. 

وأول ما استفاقت "مهد" قالت.. رأيت ريـحًـا فيها شبه النار وأمامها رجالاً عظامًا يقودونها، تلك ليست بسحابةُ عادية!. 

وبينما الأمر كذلك.. 

كان نبي الله هود عليه السلام وسط أتباعه في أطراف المدينة يدعون الله النجاة فقد أيقنوا أن العقاب والعذاب قد اقترب ولا مَـفَّر .. 

بدأت تَهُب ريحُ عاتية لا مثيل لها.  

الصوت كان مَهيبْ يَقبضْ الأرواح، ريحُ باردة شديدة هي الريحُ الصرصر .. 


كم استمر عذاب قوم عاد 



استمرت سبعة أيام وثمانية ليال.. 

الريح كانت كما لو أنها رجلُ ضخم يقتل بلا رحمة.. 

يأخُذ الهواء الناس إلى السماء ثم يرميهم إلى الأرض بكل عُنف..

فَينفصل الرأس عن الجسد كأنهم نخلاً بلا رأس كما شَبههم عز وجل

تقتل كافة الكافرين فلم يتبقى منهم أحد وسط أصوات الصُراخ المُندثرة من علوّ صوت الريح..

حتى من حاول الفـرار إلى الكهوف.. 

 تتبعتهم حتى كانت تدخل الكهوف فَتلفهم تخرجهم وتُهلكهم.. 

وفي غُضـون الأيام تلك..

تـدمرت البيوت المُحكَمة والقصور المُشيٌدة، والجسور وكافة مُـشآت قوم عاد العُظمى وبديهيًا لم تنقذهم آلهتهم ولا أصنامهم. 

فقد انقلب كل شيء رأسًا على عقب، فالرؤوس أصبحت لأسفل، وأما عن القصور والمُنشآت فكانت رأسًا على عقب أيضًا حتى.. 

طفقت الريح هكذا وطُمسَت إرم للأبد ويُقال لأكثر من 12 متر تحت الأرض.. 

وحتى يومنا تُعرف إرم بالمدينة المفقودة .. 

أما عن هود.. 

فلم تمسس الريح شعرةُ منه في كهفه لا هو ولا من تبعه والذين كان منهم "قحطان" إبنـه .. 

انتهى.. 

بُص هي الفكرة دايمـًا في الثقـة، إنك تكون واثـق مهما كان الأمر قدامك صعب وكأنه جبل كبير مفيش منه مهرب ولا مخرج، أنتَ قادر تحـقق وتنـتصر بسبب بسيط هو إيمانك بالواحد الأحد الذي لا ينام.. 

ولك أن تتخيل أن الخالق سبحانه وتعالى حفظـك وضمن لك حقـك أنتَ من فوق سابع سماء، اتعب أنتَ بس وواجه وربك هيحفظك مهما كان الأمر صعب ومستحيل.. 

بس كده.. 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد صلاح لاعب المنتخب المصري الافضل في أفريقيا

Morocco vs. France: who will win? Economic match. Qater world cup 2022